الماجيك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هم الشهداء ونحن في طرقهم قادموان


    سجنه الطويل

    امجدالماجيك
    امجدالماجيك
    Admin


    المساهمات : 49
    تاريخ التسجيل : 09/02/2012
    العمر : 31
    الموقع : السودان/الخرطوم/الكلاكلهشرق

    سجنه الطويل Empty سجنه الطويل

    مُساهمة من طرف امجدالماجيك الجمعة فبراير 10, 2012 6:26 pm

    سجنه
    الطويل:





    لقد بدأت سلسلة
    المحن تتوالى على الدعوة وعلى
    كبار رجالاتها ، والحق أن سيدا
    من بين النفر القليل الذين أعطوا
    الدعوة أوقاتهم وحياته ودماءهم
    وأموالهم ، ولم يروا من إقبال
    الدنيا على الدعوة شيئا ، فقد
    أقبل عليها ودنياها في إدبار ،
    ورحم الله خباب بن الارت إذ يقول:
    (هاجرنا مع رسول الله ص في سبيل
    الله نبتغي وجه الله ، فوجب أجرنا
    على الله.. فمنا من مضى ، ولم يأكل
    من أجره في دنياه شيئا منهم
    مصعب بن عمير ، قتل يوم أحد فلم
    يوجد له شيء يكفن فيه)(1). 1- رجال
    حول الرسول ص(47).




    وفي سنة (1954م) وبعد
    تمثيل فصول مسرحية الرصاصات على
    الطاغوت عبد الناصر في منشية
    البكري في الإسكندرية ، بدأت
    اعتقالات الإخوان وغيبت السجون
    المظلمة وراء جدرانها آلاف
    الشباب ، ولم يكن سيد لينجو إذ
    كان رئيسا لقسم نشر الدعوة
    آنذاك ، وكان من المفروض أن يكون
    سابع السبعة الذين علقوا على
    الأعواد شنقا ( وهم الشهداء:عبد
    القادر عودة ، محمد فرغلي ، يوسف
    طلعت ، إبراهيم الطيب ، هنداوي
    دوير ، محمود عبد اللطيف).




    إلا أن إرادة
    الله أخرت شهادته ليكتب الظلال
    والمعالم ، وخصائص التصور
    الإسلامي ، فلقد أصيب سيد قطب من
    جراء التعذيب الشديد بنزيف في
    الرئة مما اضطرهم إلى نقله إلى
    المستشفى ونفذ الإعدام وهو في
    المستشفى ، وثارت ثائرة الشعوب
    المسلمة وعبرت عن سخطها بتظاهرات
    احتشدت أمام السفارات في الدول
    العربية والإسلامية ، وأحرقت بعض
    الأماكن وانهال سيل البرقيات
    الساخطة من المسلمين في كل مكان ،
    تكيل اللعنات وتنذر بالثبور
    والويل للقتلة ومصاصي الدماء.




    وصدر وعد من القصر
    الجمهوري ألا يحدث إعدام فيما
    بعد ، وجاءت محاكمة سيد قطب في
    الحلقة الثانية ، وكانت المحاكمة
    مفتوحة ويرأس محكمة الشعب فيها
    جمال سالم وحوله عضوان حسين
    الشافعي وأنور السادات ، ولقد
    أبدى سيد قطب جرأة نادرة أمام ما
    يسمون بالقضاة ، فلقد خلع قميصه
    أمام المحكمة وقال بسخرية:
    انظروا يا قضاة العدالة!! ثم قال
    نحن نريد أن نسأل ، آينا أحق
    بالمحاكمة والسجن نحن أم انتم? إن
    لدينا وثائق أنكم عملاء
    للمخابرات الأمريكية ، وبدأ يسرد
    الوقائع والوثائق التي تصمهم
    بالخزي وتسمهم بالصلات المشبوهة
    بكافري -السفير الأمريكي آنذاك-
    مما اضطر جمال سالم أن يرفع
    الجلسة ويغلق المحاكمة.




    وصدر الحكم عليه
    بالأشغال الشاقة المؤبدة ، ،
    وبعد فترة ولأسباب صحية خ فف
    الحكم إلى خمسة عشر عاما .




    وأودع سيد قطب ليمان
    طره (السجن الذي يضم المئات من
    شباب الإخوان) ، ولقد شهد بأم
    عينيه مذبحة الإخوان في ليمان
    طره عندما فتحت الحكومة الرشاشات
    على الإخوان حيث قتل من عنبر واحد
    ، واحد وعشرون من شباب الإخوان
    والتصقت لحومهم بالحائط ، ومن
    شاء الإستزادة فليقرأ كتاب (أقسمت
    أن أروي لروكس معكرون).




    كان سيد قطب مصابا
    بالتهاب في الشعب الهوائية ،
    فوضع في مصحة السجن (مستشفى صغير
    للسجن مع المصابين بالأمراض
    الصدرية كالس ل من المجرمين
    المسجونيين ، واستأذن من إدارة
    السجن أن يضع حواجز من القماش
    بينه وبين المرضى فأذن له ، فوضع
    حواجز من القماش المقوى فأصبح
    كأنه في غرفة مستقلة ، وألحق به
    داخل الحواجز القماشية محمد يوسف
    هواش ، وكانت هذه جريمة لهواش
    استحق عليها الإعدام سنة (1966م).




    وبقي الأستاذ سيد
    صابرا محتسبا في سجنه يربي
    إخوانه من حوله بالصدق ويفيض
    عليهم من روحه المشرقة ، ويضمهم
    في حنايا قلبه الكبير ، وكان يرد
    على الذين يحاولونه المهادنة
    والإستسلام: (إن في صبرنا صبرا
    للكثيرين) وهي نفس كلمة الإمام
    أحمد بن حنبل.




    وساءت حالته الصحية
    في السجن وأصيب بالذبحة الصدرية
    ، وأصبح جسده الناحل يحمل في
    طياته قائمة من الأمراض ، وهو م
    صر على البقاء في السجن وكانت
    الذبحة تصيبه مرتين في الأسبوع (الذبحة
    تشبه الجلطة).




    وقدم الأطباء
    المشرفون على صحته تقارير لعبد
    الناصر ونصحوه قائلين: إن كان
    يهمك ألا يموت هذا الرجل في
    السجن فأخرجه لأنه معرض للموت في
    كل لحظة ، وماطل عبد الناصر ،
    ولقد تدخل المرحوم أحمد أوبلو -رئيس
    وزراء نيجيريا- الشمالية الذي
    أسلم على يديه ستمائة ألف مسلم-
    لإخراجه من السجن أثناء مروره
    بالقاهرة قبل قتله بفترة وجيزة
    فكذبوا على أحمد أوبلو متظاهرين
    بإخراجه فنقلوه إلى مستشفى القطر
    العيني(جامعة القاهرة) ، وكانت
    حالته الصحية تستدعي هذا النقل ،
    لأن مصحة السجن لم تعد بعلاجاتها
    وأدواتها البسيطة لم تعد تكفي
    لعلاج أمراضه.




    ومكث في القصر
    العيني ستة أشهر وأعيد إلى مصحة
    ليمان طرة ، وفي نيسان سنة (1946م)
    أقيمت الإحتفالات بمناسبة
    الإنتهاء من المرحلة الأولى للسد
    العالي ، واستضافت مصر خريتشوف
    لمشاهدة الإحتفالات ، وأخرج
    الشيوعيون من السجون تحية
    لخريتشوف ، وكان عبد السلام عارف
    من بين الذين د عوا للمشاركة في
    الإحتفال ، وتلقى عبد السلام
    عارف برقية من مفتي العراق الشيخ
    أمجد الزهاوي يقول فيها: (من يشفع
    شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ،
    فاشفع بسيد) فتوسط عبد السلام
    لإخراجه فأخرج الأستاذ سيد من
    السجن في سنة (1964م) ، ولقد عرض
    عليه عبد السلام أن يصحبه إلى
    العراق ويكون مستشاره ، ولكن
    الأستاذ سيد استماحه عذرا ،
    متعللا بصحته التي تشرف على
    الرحيل وتؤذن بالوداع ، ولكن
    السبب الحقيقي وراء اعتذاره هو
    الذي وضحه قائلا Sadإننا بإسنادنا
    ولو بالآراء لوضع جاهلي ، فإننا
    نحكم بالإعدام على كل كتاباتنا
    ضد الطواغيت ، وتصبح كلمتنا حبرا
    على أوراق).




    والحقيقة أن عبد
    الناصر ما وافق على إخراجه إلا
    بعد تيقنه أن سيد قطب قد استهلك
    وأضحى حطام إنسان ليس لديه طاقة
    على حركة أو تجميع.




    ولكن الروح هي التي
    تعمل ، فلقد كان الأستاذ سيد قد
    أعد مسودات المعالم وبدأ
    بمراجعتها ، ثم دفع بها إلى
    المطبعة ، وخرج المعالم لتنفذ
    الطبعة الأولى التي أصدرتها
    مكتبه وهبة في وقت جد قصير ، مما
    أدهش المخابرات المصرية ، وتحرك
    الشيوعيون الذين قرأوا كلمات
    المعالم كلمة كلمة ، وأيقنوا أن
    هذا سيعصف بتنظيمهم الذي تقوى في
    فترة غياب الشباب المسلم في
    غياهب السجون ، واجج الشيوعيون
    نار الحقد والبغضاء التي ما هدأ
    أوارها لحظة في قلب عبد الناصر.




    جاء أحد الناس إلى
    الأستاذ محمد قطب وأخبره بأن
    الشيوعيين جاد ون في محاولة قتلك
    وقتل أخيك سيد قطب.




    ويرى الأستاذ سيد في
    منامه أفعى حمراء تلتف حول عنقه
    فحدث بها جلساءه فقالوا أضغاث
    أحلام ، فقال: ولكني أظنها
    المشنقة التي يمسك بها الشيوعيون.




    وحاولت الحكومة أولا
    أن تقضي على الظاهرين من الدعاة
    باغتيالات فردية ، وابتدأت
    المحاولة بالحاجة المجاهدة (زينب
    الغزالي) إذ داهمت سيارة كبيرة
    للمخابرات أو بإيعاز منها
    سيارتها وكسرت رجلها ، ومكثت على
    إثرها عاما كاملا في المستشفى ،
    وانتشر الخبر بأن المخابرات جاده
    في قتل سيد قطب ، وزينب الغزالي ،
    ومحمد قطب ، ومحمد هواش فنكلت
    المخابرات عن خطتها ، وأقبل صيف
    (1956م) الذي يحمل بين جوانحه ما
    تخبؤه الأقدار للدعوة الإسلامية
    ، من اعتقال وتشريد وإعدام
    بتنفيذ المخططات التي ترسم
    بروتوكولاتها في الكرملين
    والقصر الأبيض لتنفذ من خلال
    المخالب في المشرق.




    واعتقل سيد قطب في (26/آب/1965م)
    وأودع السجن الحربي بعد أن انتقل
    من سجن إلى سجن وانتهى به المقام
    في الحربي ، وفي أوائل اعتقاله
    ألقي في زنزانة مظلمة بين أربعة
    كلاب بوليسية وظيفتها إرهاب
    السجناء بالإضافة إلى انتهاش
    لحومهم ، وتقطيعها فور تلقيها
    أية إشارة من الكلاب البشرية.




    وأسندت تهمة الخيانة
    العظمى له بترأس تنظيم إرهابي
    يدعو إلى قلب نظام الحكم بالقوة ،
    وهذه حقيقة وكلمة حق أريد بها
    باطل ، فصاحب الحق يدعو
    لانتصار دينه وتطبيق الإسلام في
    كل مجالات الحياة ، ولا يهادن ولا
    يداهن ولايتنازل عن هذا الحق
    الذي يطالب به.




    نعم لقد عهد إليه
    فضيلة المرشد بقيادة تنظيم سنة
    (1962م) وأطاع الأمر إذ أنه يعرف
    معنى الطاعة في الإسلام ، وأن
    طاعة الأمير فريضة في الأعناق ،
    ومعصيته إثم يستحق صاحبه العقاب
    ، فقبل وأشرف على تربية أفراده
    بكتاباته وهو في داخل السجن ، ثم
    أشرف بنفسه ووهب التنظيم حياته ،
    وروحه ، ووقته ، وفكره ، هذا
    التنظيم الذي يشير إليه في مقدمة
    المعالم بأنه طليعة البعث
    الإسلامي ، وهو يعتقد تماما
    أن صلاح البشرية وسعادتها
    وراحتها متوقفة على نجاح الحركة
    الإسلامية كما يقول في مقدمة
    الظلال ص(15) -دار الشروق : (وانتهيت
    من فترة الحياة في ظلال القرآن
    إلى يقين جازم حازم... أنه لا صلاح
    لهذه الأرض ، ولا راحة لهذه
    البشرية ، ولا طمأنينة لهذا
    الإنسان ولا رفعة ، ولا بركة ،
    ولا طهارة ، ولا تناسق مع سنن
    الكون وفطرة الحياة إلا
    بالرجوع إلى الله ، والرجوع إلى
    الله -كما يتجلى في ظلال القرآن-
    له صورة واحدة ، وطريق واحد...
    واحد لا سواه... إنه العودة
    بالحياة كلها إلى هذا الكتاب).




    لقد كان وهو يستجيب
    لأمر المرشد بالإشراف على
    التنظيم ممن قال الله فيهم:




    (الذين استجابوا لله
    وللرسول من بعد ما أصابهم القرح ،
    للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر
    عظيم)




    (آل عمران: 172)




    وبقي التحقيق
    والتعذيب مستمرا عاما
    كاملا من آب سنة (1965م) حتى آب
    سنة (1966م) ، وإن كان القضاة سلفا
    قد ارتشفوا دمه ، وقد كان
    الجلادون حريصين ألا يموت سيد
    قطب ليبقى معذبا. فكانوا يربطونه
    بالكرسي ويقولون: (نحن نعلم أنك
    إذا عذبت ستموت ، ونحن لا نريد أن
    تموت فتستريح).




    ولقد بدأ الأستاذ
    سيد عملاقا إبان التحقيق
    والمحاكمات ، فكثيرا ما كان يسخر
    من الضباط الخائنين الذين
    انقلبوا بين عشية وضحاها قضاة
    يحكمون في الدماء والأعراض..
    كالدجوي الذي ترأس المحكمة ، وقد
    كان ممن وقع في الأسر سنة (1956م) ،
    وقد كان يهاجم مصر من خلال اذاعة
    إسرائيل ، وقد كان سيد بأسلوبه
    اللاذع الساخر يقابل الذئاب
    البشرية التي تمسك بخناق
    المسلمين ، وتتربع على عرش مصر ،
    وتحكم بالحديد والنار ، وتجتث
    بما في أيديها من وسائل بقايا
    الخلق والقيم من المجتمع ،
    وتحارب بأقلامها وأجهزتها كل
    فضيلة آدمية ، أو مبدأ رباني ، أو
    أرضي ،




    واستطاع سيد بصبره
    وترفعه وبصيرته أن يبين سخافة
    هؤلاء الأمساخ والتف حوله الفئة
    المؤمنة التي استطاعت بطاعتها
    واحترامها له أن تقتل الجلادين
    غما وحقدا وغيظا ، قال أحد
    المحققين للحاجة زينب الغزالي -حفظها
    الله-: (إن سيد قطب كذب عليك وقال
    عنك..) فقالت: حاشا لله أن يكذب سيد.




    وقالوا لشاب مؤمن: هل
    اتصلت بسيد قطب؟ فأنكر وأصر على
    إنكاره رغم التعذيب ، فقالوا له:
    ولكن سيد قطب يقول: انك قد اتصلت
    به ، فقال الشاب: إن كان قالها فقد
    صدق!! وهي نفس الكلمة التي قالها
    الصديق أبو بكر بصدد الإسراء
    والمعراج.




    ولقد اهتز كيان
    الطاغوت عند رؤية هذه الفئات ،
    وصعقوا إذ أنهم ظنوا أن قد قضى
    على الإسلام والجماعة المسلمة ،
    وإذا بهم يفاجئون بنماذج أنقى ،
    وبفئات أصلب عودا وأشد في دين
    الله مما رأوا من ذي قبل ، وهم في
    هذه المرة من الشباب المتعلم
    المثقف بل معظمهم من الكليات
    العلمية ، والعملية كالطب
    والهندسة والعلوم والذرة ولهول
    الصدمة كانت ضرباتهم جنونية ،
    ولقد استشهد تحت التعذيب مائتان
    وثمانون شابا من هذه النماذج
    وكانت النازلة شديدة الوقع على
    الطاغوت ، وكاد يجن حقا ، وبدأ
    يصرخ في وجوه المخابرات صرخات
    محمومه جنونية (إزاي يسرقوا مني
    جيل الثورة ، قباني (بائع قطن وهو
    الشهيد عبد الفتاح إسماعيل) ،
    وامرأة يعني (زينب الغزالي) ،
    وأضطرب كيانه وساءت صحته ، وخارت
    قواه العقلية والعصبية مما اضطره
    أن يذهب إلى روسيا حيث الحم امات
    الساخنة والجلسات الكهربائية ،
    وبعد أن أمسك بأنفاسه في روسيا
    أعلن من فوق قبر لينين: (لقد
    اكتشفنا مؤامرة للإخوان
    المسلمين ، ولئن عفونا المرة
    الأولى ، فلن نعفو المرة الثانية)
    وأعطيت الأوامرالشديدة فكان
    التعذيب الرهيب الذي استمر قرابة
    عام أثناء التحقيق ، وهنالك
    علاوات الإجرام ، ويحضرني قصة
    كتبها أحمد رائف في البوابة
    السوداء يقول فيها: (مات أحدنا
    لشدة التعذيب في الزنزانة وعندما
    فتح السجان باب الزنزانة صباحا
    قلنا: يا أفندم مات واحد فقال
    السجان: (يا أولاد الكلب بسى واحد
    مات ، حانودي وشنا فين من المسئول).




    تقول الحاجة زينب
    الغزالي: لقد ضربوني ستة آلاف
    وخمسمائة سوط وكانت غرف التعذيب
    ثلاثين غرفة تختلف أدوات التعذيب
    في كل واحدة عن الأخرى ، وكان لا
    بد أن يصدر حكم الإعدام على
    الأستاذ سيد ، وعلى تلميذه محمد
    يوسف هواش وعلى الشيخ عبدالفتاح
    إسماعيل ، قال سيد عند صدور الحكم:
    (الحمد لله لقد جاهدت مدة خمسة
    عشر عاما حتى نلت هذه الشهادة)
    ، وقال الشيخ عبد الفتاح: (فزت ورب
    الكعبة).




    ولقد ملك كل واحد
    منهما بصبره العجيب القلوب ، حتى
    قلوب جلاديه ، فلقد كان ضباط
    الحربي يقولون للشيخ عبد الفتاح:
    والله ان هذه البلد لا تستحقك ،
    فأنت درة ضائعة في مصر.




    جاءت الأرحام من آل
    قطب لزيارة سيد بعد صدور حكم
    الإعدام ، فطوقهم بذراعيه وقال: (لقد
    دعوت الله عزوجل أن ينفذ الحكم
    لتكون الشهادة ، دعوت الله أن
    يجعل هذه العائلة كلها شهداء ، هل
    قبلتم؟ قالوا: قبلنا ، ونفذ حكم
    الإعدام في سحر ليلة الإثنين (92)
    آب (6691م) ، وفاضت هذه الروح
    الكبيرة إلى بارئها بعد أن أدت
    دورها ، وقد تبدو هذه النتيجة في
    حساب الأرض أسيفة أليمة ، وقد يعد
    ها البشر هزيمة مريرة ، لكن كما
    يقول هو في فصل (هذا هو الطريق):
    وهو يتحدث عن أصحاب الأخدود ص(532)
    من معالم في الطريق: (إن النصر في
    أرفع صوره هو انتصار الروح على
    المادة ، وانتصار العقيدة على
    الألم ، وانتصار الإيمان على
    الفتنة... وفي هذا الحادث انتصرت
    الفئة المؤمنة انتصارا يشرف
    الجنس البشري كله.. إن الناس
    جميعا يموتون ، وتختلف
    الأسباب ، ولكن الناس جميعا
    لا ينتصرون هذا الإنتصار ولا
    يرتفعون هذا الإرتفاع ، ولا
    يتحررون هذه التحرر ، ولا
    ينطلقون هذا الإنطلاق إلى هذه
    الآفاق ، إنما هو اختيار الله
    وتكريمه لفئة كريمة من عباده ،
    لتشارك الناس في الموت ، وتنفرد
    دون الناس في المجد في الملأ
    الأعلى ، وفي دنيا الناس أيضا
    ، إذا نحن وضعنا في الحساب نظرة
    الأجيال بعد الأجيال ، لقد كان في
    استطاعة المؤمنين أن ينجوا
    بحياتهم في مقابل الهزيمة
    لإيمانهم ، ولكن كم كانوا يخسرون
    هم أنفسهم ، وكم كانت البشرية
    كلها تخسر؟ كم كانوا يخسرون وهم
    يقتلون هذا المعنى الكبير؟ معنى
    زهادة الحياة بلا عقيدة ،
    وبشاعتها بلا حرية ، وانحطاطها
    حين يسيطر الطغاة على الأرواح
    بعد سيطرتهم على الأجساد).




    ولقد صدق الله فصدقه
    ، إذ كان يتمنى الشهادة صادقا
    -والله أعلم- فرزقه الله إياها:
    تقرأ له مقالا كتبه سنة (1952م)
    في كتابه دراسات إسلامية ص (138) ،
    فكأنك تلمح من خلاله أنه يخط
    بالهام من الله نهايته إذ يقول: (إنه
    ليست كل كلمة تبلغ إلى قلوب
    الآخرين فتحركها ، وتجمعها ،
    وتدفعها ، إنها الكلمات التي
    تقطر دماء لأنها تقتات قلب إنسان
    حي. كل كلمة عاشت قد اقتاتت قلب
    انسان ، أما الكلمات التي ولدت في
    الأفواه ، وقذفت بها الألسنة ،
    ولم تتصل بذلك النبع الإلهي الحي
    ، فقد ولدت ميته ، ولم تدفع
    بالبشرية شبرا واحدا إلى
    الإمام ، إن أحدا لن يتبناها
    لأنها ولدت ميته ، والناس لا
    يتبنون الأموات ، ويكتب عند آية:




    (إن الله اشترى من
    المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن
    لهم الجنة ، يقاتلون في سبيل الله
    فيقتلون ويقتلون وعدا عليه
    حقا في التوراة والإنجيل
    والقرآن ، ومن أوفى بعهده من الله
    ، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم
    به وذلك هو الفوز العظيم)




    (التوبة: 111)




    (إن الدخول في
    الإسلام صفقة بين متابيعين.. الله
    سبحانه هو المشتري والمؤمن فيها
    هو البائع ، فهي بيعة مع الله
    لايبقى بعدها للمؤمن من شيء في
    نفسه ، ولا في ماله يحتجزه دون
    الله -سبحانه- ودون الجهاد في
    سبيله ، لتكون كلمة الله هي
    العليا ، وليكون الدين كله لله...




    إن الجهاد في سبيل
    الله بيعة معقودة بعنق كل مؤمن...
    كل مؤمن على الإطلاق منذ كانت
    الرسل ، ومنذ كان دين الله.. إنها
    السنة الجارية التي لا تستقيم
    الحياة بدونها ولا تصلح الحياة
    بتركها ، بعونك اللهم فإن العقد
    رهيب.. وهؤلاء الذين يزعمون
    أنفسهم (مسلمين) في مشارق الأرض
    ومغاربها ، قاعدون ، لا يجاهدون
    لتقرير الوهية الله في الأرض ،
    وطرد الطواغيت الغاصبة لحقوق
    الربوبية وخصائصها في حياة
    العباد ، ولا يقتلون ولا ي قتلون
    ، ولا يجاهدون جهادا ما دون
    القتل والقتال)(1). 1- في ظلال
    القرآن (11-1716) -ط/الشروق

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 12, 2024 10:40 am